Friday, November 17, 2006

الحل...الكارثة

حسنا فعل صاحب السمو أمير البلاد حينما نزع فتيل الإشاعة التي تحولت إلى شبه حقيقة ألتف الناس حولها بين متحفز ومترقب، الحمد لله أن لا نية لسمو الأمير بحل مجلس "الأمة" حلا غير دستوري أو حلا دستوريا حتى!
فلا يمكن للكويت قدوة المنطقة في إتباع نهج الحياة الديموقراطية أن تنسف ما بناه الآباء والأجداد طوال السنوات الطويلة الماضية من العمل الجاد والمضني المخلص الدءوب في ترسيخ الحرية والديموقراطية لأبناء الوطن.
ومع هذا لا أظن أن الشائعات التي خرجت بخصوص الحل كلها كذب أو تحريض، لا دخان من غير نار، وتحدث كذا إعلامي عن حل غير دستوري للمجلس ومن جهات مختلفة، يُظهر أن الأمر كان أشبه ببالون اختبار تم إطلاقه من البعض لجس نبض الشعب فيما لو تم إصدار مرسوم بحل مجلس الأمة وتعطيل العمل بالدستور !!
يبدو أن الرسالة لم تصل أصحاب البالون حينما اعتصم شباب وفتيات الكويت ابتداء من مايو الماضي حتى موعد الانتخابات البرلمانية الماضية ورابطو في ساحة الإرادة وفي مقار المرشحين الوطنيين من أجل إقرار الدوائر الخمس وإبعاد عناصر التأزيم والفساد عن الحكومة.
الانتصار الشبابي الوطني كان رسالة واضحة أنه لا عودة ولا رجوع إلى الوراء، وأما تنقيح أو تعديل الدستور والذي صادق عليه أصحاب القرار مرتين (1962-1990) فهذا أمر لا يمكن مناقشته إلا لمزيد من الحريات. وإما طرح الأفكار لتنقيحه ولإلغاء أحد صور الديموقراطية فيه وهو مجلس "الأمة" فهو عبث ما بعده عبث بإرادة الشعب وكارثة وطنية لا تحمد عقباها.
ومهما كان سوء أداء مجلس الأمة "الجديد" فإنه أفضل مليون مرة من دولة بلا مجلس وبلا حرية، ألا يكفي المطبلين للحل أن كارثة الغزو البربري كانت في وقت تغييب مجلس الأمة، فاستغلها الطاغية العراقي لمحو الوطن الكويتي من الوجود.
ولم يلتف العالم من أقصاه إلى أقصاه لنصرتنا في دحر العدوان وتحرير البلاد إلا بفضل من الله ثم بوجود دستور وطني هو وثيقة عادلة اتفق عليها الحاكم والمحكوم، أظهر للعالم أن الكويت بلد متحضر ديموقراطي نادر وجوده في منطقتنا الشرق أوسطية لذا كان يجب إنقاذه.
ونحن نعلم علم اليقين أن البعض من الأسرة ومن خارج الأسرة وأيضا من بعض الدول المحيطة بنا من يرهبهم دستور الكويت وأبوه الروحي المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالله السالم الصباح، فهو في نظرهم نقيصة في حقهم وتطاول على هاماتهم ويؤجج الرغبة لدى شعوب المنطقة المغلوب على أمرها في التحرر من نار الطغيان والحكم الشمولي الديكتاتوري مهما اصطبغ بعباءة الإسلام أو غيره.
حسنا فعلت يا صاحب السمو طمئنت النفوس وكدت المتربصين بالوطن وبكم وبنا، وخذلت سعيهم المسموم الذي غلفوه - حين قابل بعضهم سموكم- بأسمى آيات الولاء وعظيم التقدير والعرفان، وفي أنفسهم المريضة أقصى مراتب الخيانة والمصلحة والانتهازية.
" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".

No comments:

Post a Comment