يفتح عينيه فيجد جمهرة من الناس تحملق فيه ، تعتريها هالة من علامات الخوف والقلق ، تمد أيديها نحوه تشده ، تتحرك شفاههم وتنفتح أفواههم وتغلق دون أن يسمعهم ، بلا شعور يرفع بصره إلى زرقة السماء وقد توسطها قرص الشمس بإضاءة خافتة غريبة لون رمادي داكن حجب أشعته الحارقة ، أخذ الضوء بالأفول حتى أصبح سوادا كاملا.
يفتح عينيه فيستمع لصوت دقات قلبه الممزوجة بصوت أنفاسه تطرق قفصه الصدري فتحركه يكاد يخرج منه. الإضاءة هذه المرة بيضاء قوية ، وصور لأشباح لم يتعرف عليها يلمح رؤوس ووجوه مغطاة لا تظهر منها سوى بريق العيون ، لم يحدق به أحد هذه المرة، ليست كالمرة الأولى ، فهذه الرؤوس تتحرك من حوله وبهدوء ، يحس ببرودة تسري في ذراعه الأيمن ، وما هي الا ثوان يعود اللون الأسود الكامل فيغطي الضوء.
يفتح عينيه ، على صوت ينادي: محمود تأخرت عن عملك ، ألم تقل لي أن مديركم منزعج من تأخرك الدائم وسيقوم بخصم مرتبك بالكامل هذا الشهر اذا تكرر التأخير؟ !!صياح زوجته أطلقه من السرير كسهم ناري.استكمل باقي ملابسه في سيارته وضغط على دواسة البنزين غير عابئ بحدود السرعة ، ينظر الى الساعة لم تتبق سوى عشر دقائق على حضور المدير ، السيارات تتكدس فجأة أمامه ، يحاول تجاوزها ، يخفف السرعة لا يستطيع ، يدير عجلة القيادة بسرعة الى اليسار ، السيارة تنزلق ، يفقد السيطرة ، تضرب بعجلتها اليسرى الحاجز الإسمنتي تنلقب السيارة ، تطير في الهواء ، وتسقط على الإسفلت ، تهشم الحديد والزجاج ، هذه المرة لا صوت لأنفاس ، لا صوت لقلب يدق لا صوت لشيء ، لا إحساس ، وجوه هلعة تقترب منه ، يشخص ببصره الى زرقة السماء ، واللون الأسود وللمرة الثالثة غطى كل شيء.
Monday, March 17, 2008
اللون الأسود - قصة قصيرة
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment