Tuesday, May 06, 2025

الأزمة بين الكويت والعراق حول خور عبد الله:قراءة هادئة

الأزمة بين الكويت والعراق حول خور عبد الله: قراءة هادئة في خلاف قانوني لا عسكري

تشهد العلاقات الكويتية العراقية منذ سبتمبر 2023 توترًا جديدًا على خلفية قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق القاضي بإلغاء المصادقة البرلمانية على اتفاقية “تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله”، وهي اتفاقية كانت قد وُقّعت بين البلدين في عام 2012 وصادق عليها البرلمان العراقي في 2013.

وتُعد هذه الاتفاقية جزءًا من الالتزامات الدولية للعراق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993، والذي نص على ترسيم الحدود البرية والبحرية بين الكويت والعراق عقب تحرير الكويت من الغزو في 1991. وتنص الاتفاقية بشكل محدد على تنظيم الملاحة المشتركة في الخور دون أن تمسّ بالسيادة أو تغيير في الحدود.

قرار المحكمة العراقية أثار قلقًا كويتيًا مشروعًا، واعتبرته وزارة الخارجية الكويتية خروجًا أحاديًا عن التزامات ملزمة، ما دفعها إلى رفع شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي تؤكد فيها احترامها للقانون الدولي وحرصها على حسن الجوار، مطالبة العراق باحترام الاتفاقيات الموقعة.

من جهة أخرى، برزت في العراق بعض الأصوات السياسية والإعلامية التي صورت الاتفاقية على أنها “تنازل عن السيادة”، متجاهلة السياق القانوني الدولي الذي تم فيه ترسيم الحدود، ومحاولة توظيف الملف في الخلافات الداخلية المحتدمة بين القوى السياسية العراقية.

ومع هذا التصعيد، يبرز تساؤل منطقي لدى البعض: هل هناك تهديد عسكري حقيقي للكويت كما حدث في عام 1990؟
الواقع أن العراق اليوم، على المستويين الرسمي والعسكري، لا يمتلك الإرادة ولا القدرة على القيام بأي عمل عدائي ضد الكويت. فالجيش العراقي يعاني من ضعف هيكلي وانقسام ولاءات، كما أن القرار السياسي العراقي محكوم بتوازنات داخلية معقدة، تجعل من الدخول في مغامرة خارجية أمرًا مستبعدًا تمامًا.

إضافة إلى ذلك، فإن الكويت اليوم جزء من منظومة إقليمية ودولية تدعم أمنها، سواء من خلال مجلس التعاون الخليجي أو التفاهمات الدفاعية مع دول كبرى، ما يجعل أي محاولة تهديد أو عبث بسيادتها محكومة بالفشل مسبقًا.

خلاصة القول، أن الخلاف القائم هو في جوهره نزاع قانوني وسياسي داخلي في العراق، وليس نزاعًا حدوديًا جديدًا. التعامل معه يتطلب هدوءًا دبلوماسيًا ووضوحًا في التمسك بالشرعية الدولية، مع يقظة أمنية واعية، دون الانجرار وراء حملات التصعيد أو التخويف غير المبرر.

ص.أ.

No comments:

Post a Comment