بدأ دخان المعركة الدائرة في لبنان الحبيب بالانحسار، فإذا بنا نرى المباني التي تساوت بالأرض والبيوت التي دكت على ساكنيها الأبرياء ، فاختلطت دمائهم الزكية بتراب الوطن الغالي ، وامتزجت أرواحهم الطاهرة بهواء لبنان الأبي.
الحرب التي قامت والتي أدعى الصهاينة ومن لف لفهم أنها من أجل تحرير الجنديين الإسرائيليين الذين قام حزب الله بأسرهما ، وضح لكل ذو لب وباعتراف العدو نفسه وسنده الولايات المتحدة الأمريكية أن الحرب كانت مبيتة للنيل من حزب الله وسحقه وسحق أي مقاومة ضد العدو الصهيوني في أي بقعة من العالم وليس فقط في عالمنا العربي أو الإسلامي.
ألا أن نتائج المعركة أعطت لكلا الطرفين المتقاتلين الفرصة ليعلن لشعبه أنه أنتصر فيها!
لا أعلم عن أي انتصار يتحدث الصهاينة ، فحربهم العدوانية الهمجية التي استمرت شهر كامل دمرت فيها البنية التحتية وقتلت وجرحت وشرّدت الشعب اللبناني بأجمعه ولكنها لم تنل من حزب الله فهاهو الحزب بقي ولم يسحق ، وان كان ما تحقق في مجلس الأمن من شروط وقرارات هو الانتصار الإسرائيلي ولكن ثمن هذه القرارات كان باهض جدا للصهاينة ، فسمعة الجيش والقوة الإسرائيلية أصبحت في مهب الريح ، فأعتى قوة في الشرق الأوسط لم تستطع أن تدحر "حزب" من أحزاب دولة عربية !!
وعلى الجانب الآخر أدعى أيضا حزب الله انتصاره في هذه المعركة !! فأي انتصار ولبنان تدمّر وعاد الى عشرين أو ثلاثين سنة الى الوراء ؟ وبعد أن سقط الآلاف من الشهداء الأبرياء دون ذنب اقترفوه ؟
فهل هذا معنى "الانتصار" لدى العرب ؟ كما ادعّوا دائما بانتصارات سنوات 48 و56 و67 و73 القومية العربية وانتصارات "قادسية" و"نداء" و"أم معارك" صدام ؟!!
أم أن بقاء حزب الله وعدم تدميره هو الانتصار الذي يتكلم عنه قادة حزب الله ؟
ومع ذلك فعلينا أن لا ننظر بعيون الصهاينة ومن "تصهيّن" معهم ، فرغم الخسائر الفادحة في لبنان حقق حزب الله الذي قاتل نيابة عن الأمة "بعض" الانتصارات التي كانت الأمة بأحوج ما تكون لها ، فالعالم الجديد وحتى القديم لا يعترف إلا بلغة القوة ولنا في التاريخ عبر، فلكي تكسب احترام وخشية العالم عليك أن تكون قوي ومرهوب الجانب ، ولنا في كوريا الشمالية خير دليل في وقتنا المعاصر.
إلا أن السؤال هنا وهو ، من المعروف أن السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني رجل ذكي وسياسي محنّك ويحسب التحركات ويقيسها بميزان الذهب ، بدءا من خطاباته ونهاية بأعماله ، فأعتقد جازما لم يكن "السيد" يطمح الى هذه المواجهة التي تمت على الأقل في هذا الوقت ، ومن الواضح أنه تفاجئ بالهجوم الصهيوني رغم استعداد مقاتلي حزب الله الدائم لمثل هذه المعارك ، فمن يا ترى كان المتسبب في هذا الهجوم المباغت على حزب الله ومن الذي طعنه في الظهر حين تخلى الجميع عنه وتركه وحده والشعب اللبناني يتلقى الضربات ؟! من الذي أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل وللولايات المتحدة "للإستفراد" بحزب الله والانقضاض عليه ؟ من في مصلحته القضاء على حزب الله من الدول والأحزاب المحيطة به؟
قد تتكشف إجابات هذه الأسئلة في القريب العاجل أو البعيد ، فالسياسة كما يعلم الجميع لعبة قذرة ليس لرابط الدين أو العرق دور فيها ، إنما المصلحة و المصلحة فقط.
Thursday, August 17, 2006
من الذي انتصر ؟
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment