أحيانا نجد كاتب لعامود صحفي قد انبرى للكتابة عن دولة أو مكان ما قام بزيارته ، واعترف بصراحة أني لا أستسيغ قراءة مقالات التطوع بدل المرشدين السياحيين . ولكن وقع زيارتي الأولى والقصيرة إلى الغالية قطر علي كبير، كيف لا وهي احد الشقيقات الخمس "الحقيقية" لوطني الكويت ، نقول "حقيقية" لأن الكثير من الدول العربية تدعي أنها شقيقة لنا وهي في الحقيقة شقيقة لأموال ومواقف الكويت فقط لا غير !وقصتي القصيرة بدأت منذ وقوفي أمام موظف الجوازات القطري وصدى ضربات أنامله على الكي بورد في محاولة في محاولة يائسة للبحث عن بيانات لي في كمبيوتر الجوازات يتردد في جنبات صالة القادمون ، وفجأة يكسر الصمت بصرخة فاجأت الجميع :"أول مرة تجي الدوحة ؟!" همست أداري خجلي بابتسامة : هذا واضح عزيزي لأنك لم تجد لي رقم أو اسم في الكمبيوتر لديك..فقام بختم الجواز وقال: إن شاء الله هذه الأولى ولن تكون الأخيرة ؟اطمئن لن تكون الأخيرة إن شاء الله ..أجبته بثقة .البساطة وطيبة أهل قطر وانعكاس المباني والأسواق والشوارع والهواء والشجر أكدوا إحساسي وشعوري الأزلي أن خليجنا العزيز وأبناؤه بلد وشعب واحد ولولا أمرين لكنا بترابط وحب أقوى ألا قاتل الله السياسة والكرة !!يأخذك سائق الأجرة إلى شارع الأصمخ أو فريج السلّطة أو تطلق قدميك على الكورنيش لتلسعك رشة مالحة من مياه خليج الدوحة فيخيل إليك أنك في شارع الغربللي او بدروازة العبدالرزاق او على الواجهة البحرية في الكويت لا فرق ، فلا وجود لمشاعر الغربة . إلا أن أصوات آلات البناء التي حولت قطر كلها الى ورشة عمل تنبئك بقدوم دولة ستنافس أقرانها بل قد تتفوق عليهم في القريب العاجل كمركز تجاري وإعلامي وثقافي ، ولن نقول رياضي لأن القطريون تسيدوا المنطقة الآسيوية والأفريقية بل تفوقوا على بعض الدول الأوربية أيضا في التنظيم الرياضي حينما أبهروا العالم بتنظيم غير مسبوق في أسياد الدوحة 2006 ، وهاهو دوري كرة القدم أو ما يسمى "بدوري النجوم" هو الأفضل عربيا.وأما سياسيا فالدستور القطري الذي صدر في الثامن من يونيو عام 2004 هو الوثيقة التي اتفق عليها الحاكم والمحكوم في الاستفتاء الذي جرى في 29 ابريل 2003 وحصل على موافقة بنسبة عالية 96,6% جسدت استجابة الشعب القطري لمبادرة سمو أمير دولة قطر ورغبته في إرساء دستور دائم للبلاد ، وفي مادته الأولى ذكرت أن "قطر دولة عربية ذات سيادة مستقلة. دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، ونظامها ديمقراطي، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية. وشعب قطر جزء من الأمة العربية. "ومجلس الشورى هو صورة الحياة البرلمانية في قطر حيث يتم انتخاب ثلثي أعضاء المجلس من الشعب (30 عضو ) ويقوم سمو الأمير بتعيين الثلث (15) سواء من الوزراء أو غيرهم. علما بأنه في دستور 1972 السابق لقطر لم يكن هناك انتخاب للأعضاء بل يتم تعينهم بالكامل من قبل سمو الأمير.ومن الصور الأخرى للديمقراطية الناشئة في قطر الفتية انتخابات المجلس البلدي المركزي والذي يتم انتخاب أعضاءه بالكامل من عامة الشعب وقد انطلق بصورته الحالية عام 1999 ويتكون من (29) عضو يمثلون 230 منطقة .إلا أن هناك ملاحظتين لفتوا انتباهي جليا ، الملاحظة الأولى "جيش البنغال"- من بنغلاديش - الذين ملئوا شوارع وأرصفة الدوحة وكل نقرة فيها ذكرتني بما نعانيه في مناطق الحساوي والعباسية ، وذكرتني بما تعانيه الشقيقة الإمارات من الخلل في التركيبة السكانية، وبما أن قطر تقرأ تجارب الآخرين جيدا فأتمنى ألا تقع بما وقعنا به .أما الملاحظة الثانية وقد آلمتني ، فعندما صادفت عددا من العاملين في قطر من جنسية عربية معينة تابعة "لسلطة محدودة وليسوا من دولة معترف بها !!" لمست منهم الحقد والحسد لأبناء الشعب القطري للرعاية الخاصة التي أولتها الدولة لهم بداية من الرواتب العالية ومرورا بالرعاية الصحية وانتهاء بمجانية التعليم وغيره ، وكأن هؤلاء الحاقدين يعملون مجانا لوجه الله وبدون مقابل !! وكأن أرصدتهم المتخمة وجيوبهم المنتفخة وعيشهم الرغيد أتى من "سلطة" حكومتهم "هناك" ولا يدل على العدالة القطرية في توزيع الثروة على المواطنين والمقيمين فيها!!وي كأني أرى صورتهم ماثلة أمامي حينما غزانا جيش المقبور صدام فسقطت الأقنعة فكشروا عن أنيابهم وعن نفوسهم المريضة إلا من رحم ، فحذار شقيقتنا قطر من سمهم الزعاف ، فهؤلاء لم يدخلوا جنة إلا وحولها إلى خراب...ولكم في الأردن ولبنان ...والكويت خير برهان!! حفظ الله قطر وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ...وبارك الله لقطر وأبنائها هذا النجاح.
No comments:
Post a Comment