Monday, January 07, 2008

الجنسية للمرة المليون


بما أن النقاش الدائر اليوم حول أمرين لا ثالث لهما ، استجواب وزيرة التربية والتجنيس ،وبصراحة لم أطلع على صحيفة الاستجواب للوزيرة ولا اعتقد اني سأكلف نفسي بقرائتها بسبب اننا سئمنا ومللنا الاستجوابات العنترية التي لا طائل منها سوى التأزيم وادخال البلد في متاهات من أجل عداء شخصي بين نائب ووزير !!
لذا فإن موضوع التجنيس أهم وأجدى للتكلم عنه ، خاصة وأن الظلم قد لحق في شريحة كبيرة من المستحقين لها والذين تم اقصائهم عن الحصول على الجنسية لعدم تمتعهم بالواسطة التي تمتع بها الآخرون !!!
فمن كان صاحبه شيخ أو نائب أو وزير أو تاجر كبير استطاع الحصول على الجنسية وأما من فدا بدمه تراب الوطن فان المسألة فيها نظر!!
وحتى لا أطيل فإني أعيد ماذكرته في مقال سابق عام 2006 ...
"موضوعنا مكرر وسبق ان كتبت فيه قبل أكثر من عام وبالتأكيد كتب فيه الألوف وسيكتب فيه الألوف أيضا ما دامت آذان وعيون المسئولين والمعنيين مغلقة وأياديهم معلقة عن اتخاذ أي قرار حتى إشعار آخر!!
لا يخفى على الجميع حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها "البدون" أو"غير محددي الجنسية" ، مأساة بدأت منذ الخمسينات زمن اصدار قانون الجنسية الكويتية فاستحق من استحق الجنسية و "لعب" على القانون من لعب فاستطاع الحصول عليها زورا وبهتانا، وهناك قلة رفضتها بحجة انها أعطيت لهم وفق المادة الثانية أي " كويتي بالتجنس " وفي نظرهم أنهم يستحقون الجنسية وفق المادة الأولى أي " كويتي بالتأسيس ". وهناك مجموعة قليلة أيضا نتيجة للجهل بأهمية وثيقة الجنسية ونتيجة لضعف التوعية الاعلامية بل انعدامها لم يتقدموا لطلب الحصول عليها ، وهناك أيضا من سهى أو تكاسل عن استخراج الوثيقه وهناك من أغفل تقييد ابناءه فحرموا منها لاحقا ، ولكن وحسب ما ذكر على لسان المسئولين فإن كل الشرائح السابقة تم تعديل أوضاعها وأعطيت لهم الجنسية الكويتية.
اذن ماهي الشرائح الأخرى التي تبقت ولم تحصل على الجنسية الكويتية حتى الآن ؟هناك من كان في الكويت منذ الخمسينيات وكان يحمل جواز أو وثيقة لأحدى الدول المجاورة الثلاث "ايران ، العراق ، السعودية" ، ولكن بعد رؤيته وملامسته لمميزات الجنسية الكويتية قام بإخفاء جنسيته الحقيقية ونسب نفسه الى البادية ، وهناك من تزوج من كويتية سواء كان طمعا في الجنسية أو لأسباب أخرى ، ولم يقم بتسجيل ابنائه وفق جنسيته الأصلية وقام بتسجيلهم في شهادات الميلاد غير محددي الجنسية ، وهناك من أتى الى الكويت في الستينيات والسبعينيات وبعضهم من غير الجنسيات الثلاث السابقة كبعض الفلسطينيين أو السوريين ،فأخفى جوازه أو جنسيته الحقيقة ، وهناك من أتى الى الكويت فترة الاحتلال العراقي عام تسعين ولم يخرج فاستقر بها طمعا في جنة الكويت وهربا من جحيم العراق ، ومنهم من شارك مع الغزاة بالانخراط في جيشهم الشعبي سيئ الذكر.
ومن أجل إجبار هؤلاء على إبراز ما يثبت جنسيتهم الحقيقية منعوا من التوظيف في المؤسسات الحكومية ومنعوا من العلاج المجاني ومنعوا من التعليم ومنعوا حتى من الزواج ومنعوا من إصدار أي شهادة رسمية حكومية كشهادة الميلاد أو رخصة القيادة أو البطاقة المدنية !!
فإن سلمنا جدلا بأن الجيل الأول من هؤلاء البدون أخفى جنسيته الحقيقية فما ذنب الجيل الثاني بل الجيل الثالث الذي وصلنا إليه الآن وهو يعيش أسوأ معيشة وفي أغنى بلاد الأرض ، ومن سخرية القدر أن أغلب أفراد هذه الفئة كانوا رجالا في القوات المسلحة كالجيش والشرطة وبعضهم في الإطفاء أي أن أمن البلد بكامله بأيديهم !! ومنهم من شارك فاستشهد أو أصيب في الحروب العربية ضد الصهاينة في فلسطين والجولان وسيناء أو في الدفاع عن الكويت ضد الغزاة العراقيين يوم الثاني من أغسطس أو في حرب تحرير الكويت عام 1991 ومنهم من فدا بنفسه رمز الكويت سمو الأمير الراحل جابر الأحمد طيب الله ثراه ، في محاولة الاغتيال الآثمة عام 1985 ، ومن يتصور أن هؤلاء الآن أنهيت خدامتهم دون الحصول على مكافئات نهاية الخدمة وحرموا هم وابنائهم من العيش الكريم الذي يليق بخدمتهم الطويلة للبلاد والعباد ، وأما من استطاع أن يخرج من الكويت بأمواله فعاش في غربة الدول أجنبية ككندا واستراليا وأمريكا ، والمحظوظ من استطاعت "واسطته" أن تدرجه تحت بند الأعمال "الجليلة " حتى يأخذ دوره في الحصول على الجنسية فأعطيت الجنسية للطبالين والمهرجين وحجبت عن الشهداء والأسرى ومعاقين الحروب وعن حملة الشهادات العليا في الطب والهندسة وغيرها من التخصصات العلمية . ان ما يحدث في كويتنا من اضطهاد لأبسط حقوق الإنسان لهو وصمة عار في جبيننا جميعا نحن ابناء هذا البلد الذي إمتدت خيراته التي أنعم الله بها علينا الى أقاصي الدنيا وقصرت أن تمتد لمن ولد وعاش على ترابها الطاهر.
الغريب والعجيب في الموضوع ان الحكومات والمجالس النيابية تشاهد وتسمع ولكن دون إحساس يدفعها نحو إيجاد حل جذري وفوري لمعالجة وتصحيح هذا الخطأ الفادح بل الكارثة الإنسانية التي ستعصف بدولنا إذا لم نسارع في حلها، وبدأت أخبارهم وأحوالهم تظهر جليا في الصحافة والإعلام وهذا دليل على أن الأسر المتعففة منهم لم تعد تطيق صبرا، وبدأت بوادر الإنفجار المكبوت في صدورهم ، فقد تصاعد الكبت ووصل الى انتحار عدد منهم !! نعم طالعتنا الصحف بانتحار العشرات من هذه الأرواح ،والبعض منهم اتجه لطريق الحرام كالرذيلة والسرقة والتهريب وباقي الجرائم بمختلف أنواعها ، بل حدّتني إحدى أخواتي أن والدة صديقتها البدون طلبت من ابنتها الفتاة التي بعمر الزهور فلذة كبدها النزول الى الشوارع لإطعام نفسها وللصرف على نفسها ...!! إنا لله وإنا إليه راجعون ، هذا غيض من فيض وما خفي أعظم وأدهى وأمر.
الكثير منهم الان لا يريد الجنسية الكويتية فقد أصبحت "عشم ابليس بالجنة" لكنهم يريدون العيش الكريم ، يريدون السماح لهم بالعمل وبالكسب الحلال ليطعموا أفواه أبنائهم الجائعة ويكسوا أجساد أبنائهم العارية يريدون أن يدخلوهم المدارس حالهم كحال أطفال العالم أجمع ، والتسويف والمماطلة يفاقم المأساة، يجب الاسراع بحلها بل يجب ان تكون من أولويات المسئولين ونواب الأمة، ويجب مراجعة القيود الأمنية فمن تثبت عليه جريمة الخيانة للوطن أبان الغزو فيطبق القانون عليه ،ومادام متهم أو مدان فلماذا لم يتم القبض عليه بعد التحرير ومعاقبته بالحبس او بالابعاد ؟ لماذا تم تركه سنين طويلة ولم يتخذ ضده أي اجراء ؟! هل تم تركه لأسباب إنسانية أو لأنه لا دليل أصلا على أثبات جريمته ؟!وأما البقية وهم الأكثرية الشرفاء فمن يستحق الجنسية يجب تجنيسه فورا خاصة بعد دخول العلم الحديث واكتشافات ال DNA وابناء الشهداء والشهداء الأسرى كذلك يجب تجنيسهم كاقل تكريم لدماء آبائهم الزكية ، ثم أبناء الكويتية ممن توفى زوجها غير الكويتي ، ثم خريجوا الجامعات والمعاهد الكويتية من مواليد الكويت والذين عاشوا وتربوا ودرسوا في مدارسها فحصلوا على أعلى الشهادات فهم أولى من "المهرجين" بالجنسية ، ومن قام بتعديل وضعه واقام باظهار جوازدولته الأصلية فيعطى الإقامة القانونية ،وأما من يثبت تزويره او اخفاءه لجنسيته فيجب اعادته من حيث أتى اذا ماتم التأكد فعلا بقرار من المحكمة من تزويره.
الظلم ظلمات يوم القيامة ....الا هل بلغت ...؟! اللهم فأشهد ."....اللهم فأشهد.

No comments:

Post a Comment