الحج جهاد وسعيكم مشكور
وفقنا المولى سبحانه وأكرمنا باختياره لزيارة وحج بيته العظيم هذا العام لنجدد اللقاء مع البيت الحرام ومنى وعرفات ومزدلفة والجمرات وباقي المشاعر إتّباعا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ". رواه أحمد والترمذي وصححه، والنسائي وابن خزيمة في صحيحه.
وهي دعوة لمن يستطيع الذهاب الى العمرة والحج مرات ومرات أن ينتهز صحته وقوته وماله للنجاة من النار والفوز بالجنة أن يداوم ويتابع الحج والعمرة تلو الأخرى ما استطاع إليهما سبيلا ، فقد قال ابن عمر -رضي الله عنهما ـ كنت جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار، ورجل من ثقيف، فسلما، ثم قالا : يا رسول الله جئنا نسألك، فقال: إن شئتما أخبرتكما، بما جئتما تسألاني عنه فعلت ، وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت ، فقالا: أخبرنا يا رسول الله، فقال الثقفي للأنصاري، سل، فقال: أخبرني يا رسول الله.
فقال: جئت تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام، وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف، وما لك فيها، وعن طوافك بين الصفا والمروة، وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة،ومالك فيه، وعن رميك الجمار، ومالك فيه، وعن نحرك، ومالك فيه مع الإفاضة. فقال: والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك.
قال:فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام، لا تضع ناقتك خفًا، ولا ترفعه، إلا كتب الله لك به حسنة، ومحا عنك خطيئة، وأما ركعتاك بعد الطواف، كعتق رقبة من بني إسماعيل عليه السلام،وأما طوافك بالصفا والمروة، كعتق سبعين رقبة، وأما وقوفك عشية عرفة، فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا، فيباهي بكم الملائكة يقول عبادي جاؤني شعثًا، من كل فج عميق، يرجون جنتي فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل،أو كقطر المطر، أو كزبد البحر، لغفرتها، أفيضوا عبادي، مغفورًا لكم، ولمن شفعتم له. وأما رميك الجمار، فلك بكل حصاة رميتها، تكفير كبيرة من الموبقات، وأما نحرك فمدخور لك عند ربك، وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة،ويمحى عنك بها خطيئة، وأما طوافك بالبيت، بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك يضع يده بين كتفيك، فيقول اعمل فيما تستقبل فقد غفر لك ما مضى. رواه الطبراني في الكبير والبزار واللفظ له ورواه ابن حبان في صحيحه.
فهل بعد هذا الأجر العظيم من يفكر مرتين بعدم الذهاب الى الحج ؟! نعم الحج فيه بعض المشقة فهو جهاد الضعيف والمرأة ولكنها مشقة خفيفة نسبيا خاصة مع توفر وسائل حديثة ومريحة من طائرات وحافلات وسيارات وتوفر المسكن الآمن والطعام ، والتنقّل بين المشاعر والمناسك باستطاعة الجميع رغم الازدحام الشديد و جشع المطوفين وسائقي التاكسي ، لذلك فهي فرصة لا يمكن تفويتها خاصة نحن أبناء الخليج ، ففي الدول الأخرى لا يصل مواطنوها الى الحج الا بعد دخول القرعة ، وبعضهم يأتي من دول بعيدة كالولايات المتحدة واستراليا والصين وجنوب وغرب أفريقيا ، وقد ألتقيت شخصيا بأمريكي يعمل كمهندس اتصالات في ولاية تاكساس أحضر والديه للحج وآخر صيني من شنغهاي يعمل باحث بأمراض المعدة يعيش في هولندا وقد أسلم قبل عشر سنوات. وكم عجوز وكم شيخ أنحنت ظهورهم وتوكؤا على عصيهم ناهزت أعمارهم الثمانين والتسعين وربما أكثر لم يثنهم ذلك عن الحضور لتأدية مناسك الحج ، التصقت جباههم بأرض الحرم الشريف ساجدين راكعين ، مناظر تفطر القلب ورسالة لنا كي نشعر بالنعمة التي حبانا الله بها ، فنسأله سبحانه أن يجعلنا من المتعضين وأن يتقبل منا ومنكم حجتنا وعمرتنا وسائر الطاعات ، هو ولي ذلك والقادر عليه وكل عام وانتم بخير.
No comments:
Post a Comment