منصورة يا مصر
لا يمكن لكائن من كان في دولة الكويت خاصة وفي الدول العربية جمعاء من إنكار الدور المصري في نهضتنا ، بداية من البعثات التعليمية والصحية التي أرسلتها مصر في أواسط القرن الماضي ثم بإرسال الطلبة العرب إلى مصر للدراسة في جامعاتها وكلياتها ومعاهدها ، وبالمهندسين والخبراء المصريين الذين عملوا في محطات الكهرباء ومصافي البترول وفي تخطيط المدن وباقي الجهات التي نهضت بدولنا ، من منّا من لم يقم بتعليمه معلم مصري فاضل أو معلمة مصرية فاضلة تغرّبوا وأفنوا زهرة شبابهم في سبيل تعليمنا ، من منا من لم يعالج على يد طبيب أو طبيبه أو ممرض أو ممرضة مصرية ، ومن منا من ينسى دور الأزهر في استقباله للبعثات العربية ومنها الكويتية التي كان من نتاجها مؤرخ الكويت الأول الشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ مساعد العازمي و عبدالعزيز حسين التركيت يرحمهم الله وغيرهم من النجباء كثير ، ولم يتوقف دور الأزهر عند هذا الحد بل قام بإرسال شيوخ الدين الروّاد كالشيخ حسن أيوب والشيخ محمود وهبه وجلباية وغيرهم يرحمهم الله في تخريج أئمة وخطباء وحفظه كويتيين . وكذلك على الصعيد الثقافي من كتّاب وأدباء تعلموا على يد مصريين و ما عمالقة الفن في الكويت والخليج كعبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج والمرحومين خالد النفيسي وغانم الصالح وعبدالعزيز النمش ومريم الغضبان وغيرهم إلا تلامذة لزكي طليمات يرحمه الله وزملاءه الفنانين المصريين ، بل حتى الأناشيد والأغاني الوطنية لدول الخليج أغلبها من كلمات أو ألحان مصرية أو لمن تتلمذ على يد مصريين مثل مؤلف كلمات النشيد الوطني الكويتي الأستاذ أحمد مشاري العدواني يرحمه الله كان أحد أول ثلاثة أبتعثوا للدراسة في القاهرة بنهاية الثلاثينات . أما في الألعاب الرياضية كان للمصريين السبق في إنشاء وتدريب فرقنا المحلية ومنتخباتنا الوطنية والمصري علي عثمان أول مدرب رسمي لمنتخب الكويت لكرة القدم في الخمسينيات وتبعه أحمد أبو طه ومحمد صالح الوحش في الستينيات ، ثم طه الطوخي الذي كان مدربا لمنتخب الكويت وحصل معه على كأس دورة الخليج الأولى في المنامة عام 1970 ، ولو قمنا بإحصاء وذكر أسماء هؤلاء الروّاد لما وسعنا الوقت ولا الصفحات. وعلى الصعيد السياسي والعسكري كان لأبناء النيل دور كبير في تدريب الجيوش الخليجية وتأسيسها ، كان لمصر دور كبير في المنطقة كأزمة عبدالكريم قاسم عام 1961 وقفت مصر مع الكويت وساهمت في منع الغزو ، وساهمت في دحر عدوان وغزو 1990 في حرب التحرير عام 1991.
والكويت لم تنسى قط الجميل المصري ، والتاريخ الحديث خير شاهد على ذلك ، فبالإضافة إلى الدعم المادي للمشاريع التنموية والاستثمارية والسياحية وباستقبال الجالية المصرية ، قدمت الدعم المعنوي مع أشقائها العرب للقيادة المصرية في تزعم الأمة العربية في المحافل الدولية وتشييد مقر الجامعة العربية في القاهرة بل أغلب الهيئات والمنظمات العربية مقرها مصر. كذلك وقفت الكويت مع شقيقتها الكبرى مصر في عز أزماتها، ففي العدوان الثلاثي عام 1956 خرج الكويتيون في مظاهرات عارمة تبرّع خلالها للمجهود الحربي بل الكثير منهم سجّل أسمه للتطوع للدفاع عن مصر ، وأرسلت الكويت لواء اليرموك التابع لقواتها المسلحة ليشارك في جبهات سيناء وقناة السويس في حرب الأيام الستة عام 1967 وحرب الاستنزاف منذ عام 1968 لغاية عام 1972 ، ثم في حرب أكتوبر من عام1973 والتي أرسلت الكويت في هذه الحرب قواتها الجوية للدفاع عن سماء مصر ، فاق شهداء الكويت السبعين شهيدا فامتزجت الدماء الزكية لشهداء الشعبين الشقيقين دفاعا عن تراب مصر.
وبعد أحداث كامب ديفد عام 1978 والمعاهدة المصرية الإسرائيلية عام 1979حاول البعض عزل مصر رغم انها ممثلة برئيسها الراحل محمد أنور السادات لم يوقع الاتفاقية مع الصهاينة الا بعد مشاورة الحكّام العرب ، وأثر ذلك عقد مجلس الجامعة العربية في بغداد و وبضغط من الطاغية صدام حسين الذي هيئت له مخيلته المريضة أن يسوق نفسه قائدا للعرب كصلاح الدين أو جمال عبدالناصر تم نقل مقر الجامعة العربية الى تونس وطلب قطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفراء المصريين فورا من الدول العربية ، إلا أن العلاقة استمرت بين الشعوب العربية وأشقائها في مصر لم تنقطع حتى عودة العلاقات الرسمية عام 1989 وإعادة مقر الجامعة العربية إلى القاهرة في مارس 1990.
واليوم مصر الحبيبة تشتعل، تئن ، تصرخ ،تطلب كرامتها التي سلبها من تسلط على رقاب أهلها طوال العقود الثلاث الماضية ، فثار المواطن المصري البسيط وثار الطفل وثارت العجوز هتف رجال ونساء مصر مطالبين بكرامتهم ، مدافعين عن حريتهم ولقمة عيشهم .
خرج الشعب المصري الى قدره إلى الشوارع ، فتعلّقت قلوب الشعوب العربية وحبست أنفاسه أمام شبكات التلفزة والانترنت ، من واجبنا الآن هو دعم ثورتكم من خلال إيصال زئيركم يا أسود مصر عبر الانترنت والفضائيات التي قطعت عنكم الى الاعلام العربي والغربي و طمأنة أهاليكم وأحبائكم في الخارج .
والآن نسمع خبر هنا ونقرأ تعليق هناك ، تترقرق الدموع لسقوط شهيد أمام كاميرات الفضائيات هنا وجريح هناك فتلهج الألسن بالدعاء أن يسّلم الله ويحفظ هذا الشعب الأبي الكريم ، وأن يحقق هدفه في سقوط فرعون وأعوانه وأن يتسلم البلد رجال أمناء يحفظوا البلد وشعبه ومقدّراته ، رجال يعملون لمصلحة مصر بعيدا عن الشعارات والبهرجة الإعلامية الكذابة.
قلوبنا معكم ، دعاؤنا معكم ، نصركم الله يا شعب مصر.
No comments:
Post a Comment