Wednesday, October 29, 2008

وبشر الصابرين يا ...كويت


نعمة الابتلاء

يقول المولى سبحانه وتعالى :

" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ "


مازال العالم يهتز منذ الأسابيع القليلة الماضية وحتى هذه اللحظة إثر الانهيارات المتتالية لأسواق البورصة العالمية ، وقد أفلس الألوف من البشر بعد أن طارت دولاراتهم وجنيهاتهم ودنانيرهم و"ينّاتهم" ، وأصبح أكثر من 20 مليون شخص معرض للتسريح من وظيفته. ولسنا نحن في الكويت والخليج منهم ببعيد ، فتلك الصيحات والصرخات التي تستنجد بالمسئولين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أموال المساهمين خاصة البسطاء منّا الذين لا يملكون سوى "كم دينار " كانوا يمنون النفس بتكاثرها حتى يسددوا دين أو يرمموا منزل أو يستبدل سيارته الكحيانة ، إلى ما لا نهاية من أحلام الرعاة ، ولكنها تبخرت مع السقوط المدوي لأسواقنا المحلية وللأسواق العالمية.

الغريب في الأمر ومن وجهة نظري المتواضعة أن العامل النفسي لدى المتداولين هو السبب الحقيقي لهذا الانحدار الكبير لأسعار الأسهم ، والخوف من تأثر اقتصادنا بأزمة الرهن العقاري التي عصفت ببنوك الولايات المتحدة والتي بإذن الله لن تطالنا بشكل مباشر لأنه ليس لدينا أصلا تعامل مشابه للعقار كالبنوك الأمريكية بالإضافة الى ندرة البنوك والشركات المرتبطة بها، ناهيك عن صغر حجم سوق الأسهم الكويتي مقارنة بالأسواق الأمريكية والأوربية فتبلغ قيمة سوقنا تقريبا 60 مليار دينار في حين مجموع التعاملات اليومية في قمة تعاملاتها أي في عز السوق لم ترقى الى المليار !!
إذن لم الخوف ؟!

وبديهيا وكمواطن "غشيم" بدهاليز الاقتصاد أعتقد بأنه كان لابد من النزول للأسهم يوما ما ،فهذه تجارة كالبترول والذهب والسلع الأخرى لها وقت نزول ولها وقت صعود ، فإذا لم تنزل قيمة الأسهم كيف لنا أن نشتريها ؟!

وأما الأمر الخطير هنا هو نسيان الناس رب العالمين ووجوده وقـَدَرُه وحكمته في ما جرى ، فالابتلاء سنة من السنن الكونية "أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" ، أخي العزيز أختي العزيزة ، أن أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء والمؤمنين ،يقول صلى الله عليه وآله وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء فالأمثل فالأمثل " لقد ابتلى الله أيوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ثمانية عشر عاما ، حتى لفظه الناس ولم يبقى عنده إلا امرأته ورجلان ، وعندما برأ من مرضه وشفاه الله لم تعرفه زوجته حين رأته من شدة تأثير البلاء عليه ، ولقد ابتلى الله آدم ونوح ويونس وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم من الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهم الموحى إليهم و المؤيدون من الله تعالى وبملائكته فما بالك بنا من عوام البشر ؟!

اذا أحب الله عبدا ابتلاه ، وقال الإمام ابن القيّم :"النفس لا تزكو وتصلح حتى تمحّص بالبلاء ، كالذهب الذي يخلص جيّده من رديئة حتى يفتن في كير الامتحان".

وما أصابنا لم يكن ليخطئنا أنسينا الحديث الشريف الشهير الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حينما قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي وقال :" حديث حسن صحيح ".

وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا ) .

وقال صلوات الله وسلامه عليه وآله : " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له "

أفبعد هذه البشارات المتتالية نجزع ونحزن لملك زائل ولفلس ٍ حقير ؟!



***

استجواب ؟!


- تأخر خطط التنمية وتوقف المشاريع الحيوية في البلاد رغم الثروة النفطية غير المسبوقة
- انهيار البورصة وتبخّر أموال الناس
- تفاقم مشكلة البدون وكشوفات التجنيس التي كشفت عن منح الجنسية الكويتية لمتورطين في جرائم الغزو والقتل والخطف وهتك العرض والمخدرات وحرمانها عن من فدى الكويت بحياته
- تقرير ديوان المحاسبة
- سوء مستوى مخرجات التعليم والفشل الذريع في العملية التربوية التعليمية في البلاد
- التعامل الحكومي بقضية التأبين
- التعامل الحكومي مع قضية الانتخابات الفرعية
- تدوهر الوضع الصحي والاستهتار بارواح البشر
- ارتفاع مؤشر الفساد الإداري في جميع الهيئات الحكومية
- طوابير الخرجيين الذين لا وظائف شاغرة لهم
- اعتصام النقابات الحكومية وعدم العدالة بتوزيع الكوادر
- أزمة العمالة الوافدة ومظاهراتهم و تجارة الإقامات
- السرقات والاختلاسات التي طالت مناقصات المشاريع الحيوية
- عدم تنفيذ القوانين الرياضية التي شرعها مجلس الأمة أعطى فرصة لتدخل الاتحاد الدولي وإيقاف النشاط الدولي للكويت.
- ارتفاع معدلات الجريمة في مجتمعنا.

كل هذه الأزمات وأكثر و ما زال البعض يدّعي أن التوقيت سيء لتقديم الإستجواب !!

Thursday, October 16, 2008

زرقة الغياب

ويستمر قطار الراحلون عن حياتنا الى حياتهم ، ويستمر نزع الأرواح من أرواحنا ، سلسلة لا تنقطع من الفقد ، والغائب تلو الآخر ، أضاف بغيابه ضباب داكن الى دنيا الهموم ، دنيا اللعن...دنيا نعيش فيها لكي نموت....
صباح هذا اليوم تلقيت إيميل من الأستاذ الأديب محمود كرم زميلنا العزيز في موقع يا وطن.... مقال أطفأ في صدري آخر بصيص من النور وبدد آخر أمل لإحسان الظن بدنياكم.... إليكم حروفه التي انتزعت قلبي من جوفه وطرحتني كفن....
زرقة الغياب

الموت صيّاد بهجتنا الشحيحةَ أصلاً ..!! عبر هذه الكلمات البليغة من ضمن رسالة هاتفية ، كان صديقي الشاعر سعد الياسري ، يعزيني في وفاة أمّي الحبيبة التي فارقت الدنيا في الرابع من فبراير من العام 2008 ، وبينما كنتُ حينها أتلاشى حزناً تحت فداحة هذا الرحيل الأليم ، استوقفتني كلمات الياسري تلك ، ألا يكفي أن تكون بهجتنا في الحياة شحيحة أصلاً ، حتى يأتي الموت خاطفاً منا الأجمل على الإطلاق في حياتنا .؟ وكيف يملك الموت كل هذه القسوة الهائلة لينتزع منا أبهى ما نملك في الدنيا .؟ ويتركنا بعد ذلك نرسفُ في عتمة الحزن والأسى ، من دون أن يكترث إلى حالنا ، ومن دون أن يلتفت لحزننا وألمنا ودموعنا ، ومن دون حتى أن يمنحنا فرصة أخيرة للتفاوض معه ..

الموت حياة ثانية ، هكذا ربما أفهمه ، حيث يتركها خلفه الإنسان ماثلةً ونابضة في قلوب محبيه بذاكرة خلابة ، فكما أن الأحياء لهم ذاكرة تركض خلفهم وتطاردهم ، وفي مرات أخرى قد تُسبقهم وقد تتقدمهم بمسافات آجلة ، فكذلك الموتى وهم يرحلون عنا ، يصنعون برحيلهم ذاكرة وامضة ، تبقى في الأبديةِ بارقةً في فراغ اللون وفي فراغ الرائحة ، وفي فراغ المكان وفي فراغ اللحظة ، إنهم يسكبون في كل تلك الفراغات المتوزعة في أطراف زوايا حركتنا اليومية شيئاً منهم ، شيئاً من ألوانهم وضوئهم ورائحتهم وأحاديثهم وأزمانهم وذائقتهم ، إنها الفراغات التي تستحضر بحميمية باذخة مذاق الرائحة وفتنة اللون واشتهاء الحلم وبريق الضوء ، إنهم ينحتون لهم حياةً أبدية تشعُّ التماعاً وبهاءً في ذاكرة الغياب ، ويغدو الغياب في غيابهم لغة تزخر بزرقةٍ باهرة ..

وإذا كان الأحياء يهربون من أنفسهم للخلاص من الألم ، فإنهم في الحقيقة إنما يهربون من الموت إلى الموت ، ومن الألم إلى الألم ، كما يقول الأديب ميخائيل نعيمة ، ولكن كيف هي حال مَن غادروا الدنيا ، إنهم ربما يغادرونها وهم يتركون خلفهم آلامهم وأوجاعهم ركاماً على قارعة الطريق ، إنهم لا يهربون إلى ألم آخر أو إلى وجع آخر هروباً من أنفسهم ، بل يغادرون الحياة إلى سفوح الذاكرة ، وليسَ إلى الموت ، فالموت في حالتهم ، رحيل بعيد إلى أقاصي الذاكرة التي تعرفُ كيف تتجذر حضوراً فاتناً ومشرقاً في فراغ اللون والضوء والرائحة ، وفي فراغ المذاق والزاوية واللحظة ..

في غرفة الانعاش كانت أمّي الحبيبة ممددة هناك ، تفتحُ عينيها تارةً على وجوهنا ، وعلى ما تبقّى من وجوهنا الغائرة عميقاً في تلعثمات الحزن والعتمة ، وتارةً أخرى تغلقهما على الحياة ، وكأنها تصالحت مع الموت ، وكانت تلهثُ باسمي وباسم كل الذين تحبهم ويحبونها ، كانت تنطق بأسمائنا كما لو إنها تريد أن تتأكدَ بأننا أكثر قرباً منها من الموت الذي كان يتربص بأنفاسها بين لحظةٍ وأخرى ، وربما كانت تريد أن تقول لنا وهي تغالبُ بتعبٍ شديد حشرجةً منهكة بأنها إنما تتذكرنا الآن تحديداً ، لأنها لا تستطيع إلا أن تكون مخلصةً لموعدها الأخير معنا ، أليسَ الذين يرحلون في زرقة الغياب البهي يعرفون دائماً بأن لهم موعداً أخيراً مع أحبابهم ، يجب أن يخططوا له جيداً وبما يليق به أيضاً ، وأن يوفوا به ببراعةٍ أنيقة ، بالتأكيد كانت أمّي مخلصة في الايفاء بموعدها الأخير معنا ، وربما لم تكن تريد تأجيله ، ليس لأنها لم تكن تطمحُ في موعد متجدد ، بل ربما لأنها اهتمت بفهرستهِ هكذا على إيقاع قلبها نبضةً تلو نبضة ، وبكثير من الوجع الذي كان ينهشُ في أطرافي ، كنتُ أتمنى وأريد من أمّي في وقتها أن تدفع عن نفسها الموت ، كما كانت من قبل تدفع عن نفسها آلام المرض ..

فهل تستطيع الحياة أن تمنحنا بديلاً عن هذا الفقد ، وهل تملك الحياة أصلاً بديلاً عنه ، هذا الفقد الذي يأتي بحجم غياب امرأةٍ في منزلة الأم ، وألا يعلم الموت أن الأم هي الأم ، وإنها ليست شيئاً آخر ، ولا تستطيع أن تكون شيئاً آخر أقلّ من الأم ، ولكن الموتَ أعمى ، وسيبقى هكذا ، فالموت لا يرى غير الفراغ والعدم أمامه ، إنه لا يرى بياض الضوء في الشمعة ، ولا يرى ارتعاشة البهجة في عناق المحبين ، ولا يرى دهشة اللون في البسمةِ الجذلى ، ولا ينتشي بدفقة العطر في الوردة ، إنه يأتي فارداً لغته وجبروته ، ومتفاخراً بطقوسهِ في استعراضات الغياب المهولة ، ولكن إذا كان الموت يعرفُ كيف يتقصّد جيداً أن يُدحرج دموعنا على دكة الأيام ، فإن أمّي برحيلها خلقتْ في مآقينا برهافةٍ فارهة ، دمعةً ناصعة ، لم تزل تفصحُ عن لغتها الشهية في أبجدية الغياب ..

حينما يتعلق الأمر بالحب ، لا تكون الدموع عورة ، فليسَ ثمة حب بلا دموع ، كما يقول الأستاذ محمد العباس ، صادق وبليغ هذا العباس في مقولته الآنفة ، فالدموع في حضرة الحب العظيم معزوفة خالدة ، وإشراقةٌ تتخلق نقاءً في مهاد الغياب على ايقاع المطر المتساقط من جهة الحب ، أليسَ التي تستطيع أن تمنح الحب الذي لا حد له لأبنائها في حضورها وفي غيابها البعيد ، قادرةٌ في الوقت نفسه على أن تخلق في مآقينا دمعة الامتنان العظيم للحب الذي استزرعته في أعماقنا شاهقاً وأبيضَ في آفاقه وتلويحاته ، إنها الدموع التي لا تستطيع إلا أن تكون فاضحة للحب الذي أطعمتهُ أمّي دائماً من ثمرات قلبها وحنينها وعطفها ودفئها ..

كنتُ هناكَ أحسبني واقفاً ، أسكبُ كلّي حزناً ، بينما كان بعضي يتساقط دمعاً على ثرى أمّيَ المضمخ برائحة الحب ، وكنتُ لحظتها أستجمعُ ما تداعى مني في فراغ سحيق ، عجزتُ تماماً عن ترميم داخلي ، واخترقني عيمقاً وجع الفقد ، لأني أصبحتُ في مواجهتهِ وجهاً لوجه ، فماذا يعني أن تكونَ في مواجهة الفقد .؟ ألا يعني ذلك أن تتضرجَ وجعاً بغياب مَن تحب ، ألا يعني ذلك أن تمتنعَ عن الحلم مجدداً ، وألا يعني ذلك أن تودعَ رغماً عنك في فراغ المكان تلويحتكَ الأخيرة ، وألا يعني ذلك أن تتوقفَ نهائياً عن التمنّي ، لأن الواقع أمامكَ أصبح لا يبصرُ سوى الفقد ، ولأن الواقع هو الآخر أصبح لا يعني سوى الفقد يتكوّم في الفراغ الأصم ، وهل يستطيع الفقد أن يرى نفسه وأن يتكلّم عن نفسه ، وهل يستطيع أن يرينا صورته في وجوهنا .؟ وهل يملك صورة حتى .؟ إنه لا يفعل شيئاً من ذلك ، وإنه لا يستطيع أن يكشف عن غموضه ولغته ، لأنه يأتي فارضاً وجوده القاتم علينا منزوعاً من سلطة الحواس ، ويأتي صاعقاً فوق رؤوسنا بصمته الثقيل الموحش ..

كنتُ هناكَ أتعقّبُ منكسراً تعثرات خطواتي في متاهات هذا الفقد ، أصرخ في داخلي ، وصوتي يتردد متشظياً في فراغ المدى الكتيم : مَن ينقذني من افتراسات هذا الفقد ؟! ومَن ينقذني من وحشةٍ لا تطاق ، ومَن ينقذني من صباحات لا أرى فيها وجه أمّي ؟! ومَن ينقذني من احتشاد المرارات في المساءات المقبلة ؟! ومَن ينقذني من وجهي في مرايا الذكريات البعيدة ، ومَن ينقذني من شهقةٍ تصلبني على عتبات الطريق ؟!

كم هو موجع هذا الفقد ، هكذا عرفناه دائماً ، ولكن حينما أودعتْ أمّي في شهقاتنا بريقاً من ابتسامتها المشرقة وهي ترحل ، عرفتُ أن الفقدَ أصبح خدعة ، ويصبح مجرد خدعة حين لا يستطيع أن يقضم من ذاكرة الحب شيئاً ، وحين يعجز عن أن يسرق تلويحة أمّي المترعة بدفقات الألوان الزاهية ، وحين لا يقوى على أن ينال شيئاً من أشيائها الصغيرة ، من نظارتها الطبية التي تسترخي وادعةً في زاوية البيت ، ومن شالها الذي احتفظت به زوجتي عابقاً برائحتها الودودة الحنونة ..

وقبل أن نغادر ثراها ، وبينما كانت ابنتي فرح تضعُ وردةً ندية هناك تتوسّدُ بدفءٍ وأمان بياض قلب أمّي ، كنتُ أنا أتفرسُ في وجه الغياب مليّاً ، هامساً بين جنباته : ستبقى أمّي فضاء الذاكرة الأشهى ، ننسابُ منه أبداً ونرتحل إليه دائماً ..

بقلم : الكاتب الكويتي: محمود كرم


Sunday, October 12, 2008

أما آن لكم أن تميطوا اللثام ؟


في بداية ولوجنا إلى عالم الانترنت العجيب عام 1994 "فرضت" علينا الشركة المزودة للإنترنت بوضع يوزر نيم لاستخدامه لفتح الحساب ، وكان هذا اليوزر نيم او اسم المستخدم البداية والمدخل لاستخدام النك نيم Nick name "الاسم الرمزي" فيما بعد ، لذلك قام مستخدمو الانترنت باستخدام النك نيم بدلا من الاسم الحقيقي في محادثاتهم وفي تسمية مواقعهم على الانترنت واستمرت هذه العادة الى يومنا هذا أي بعد أربعة عشر سنة من دخول الانترنت في الكويت وما زال أغلب الانترنتيون يستخدمونه بدلا من الاسم الصريح.
وبالطبع فان من حق كل إنسان أن يستخدم اسم مموه لسبب ما ، إلا أني استغرب بصراحة استخدام الأسماء المموهة من قبل أصحاب المواقع والمدونات السياسية أو مدونات التندر و"التحلطم" خاصة في المواضيع التي تنتقد الشخصيات العامة وتذكرها بأسمائها الصريحة. وذلك لأن الاختباء خلف اسم النك نيم يفقد الشخص من وجهة نظري المصداقية وتضعف حجته أمام الناس في مقابل الشخصية التي يقوم بانتقادها.
لماذا لا يقوم صاحب المدونة السياسية بكشف اسمه الصريح والحقيقي حاله كحال مئات الكتّاب اليوميين للصحف الكويتية وكألوف الكتّاب حول العالم الذين ينتقدون ويتعرضون للأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والفنية ألخ ويمارسون النقد اللاذع لدرجة "غسل الشراع " دون التخفي وراء نك نيم ؟
وأنا هنا لا أقصد أسم المدونة أو الموقع إنما أقصد شخصية الكاتب أو المدوّن أو صاحب الموقع . فمن غير المعقول أن تهاجم مثلا وزير أو نائب أو أي شخصية عامة معروفة الاسم والشكل ويمكن حتى التاريخ لدى القاصي والداني وأنت مجرد شخصية ترتدي قناع لا نعلم من تكون ، فالتمترس وراء هذه الأسوار - وان بدأت هذه الأسوار بالذوبان بفعل التقنيات الحديثة التي تكشف من وراء هذا المقال او ذاك - إلا أن الأمانة والشجاعة الأدبية تفرض على الإنسان كشف شخصيته الحقيقية للعيان.
وهنا لا أعني الفنانين والأدباء كالرسّامين أو الشعراء أو القصاصين من الجنسين فهؤلاء ليس بالضرورة كشف شخصياتهم الحقيقية ، ولكني قصدت بالذات كتّاب المدونات والمواقع السياسية من نُــقـّـــاد الشخصيات العامة ، خاصة ونحن نعيش في دولة لها قانون ودستور محترم بغض النظر عن تطبيقه أم لا، فالدستور الكويتي كفل لك الحرية في النقد مع الاحترام الشخصي للخصم ، فلم الخوف من التصريح باسمك عزيزي المدوّن عزيزتي المدونة ؟
علما بأن هناك عدد لا بأس به من الزملاء والزميلات المدونين والمدونات من يُظهر اسمه الحقيقي في مدونته حالهم ككتّاب وكاتبات الصحافة.
لن أضع تساؤلات أكثر وسأنتظر الأخوة والأخوات ليدلوا كلٌّ بدلوه لنرى وجهات النظر المختلفة....

Wednesday, October 08, 2008

صور رياضية من القرن الماضي الجميل

بما أن البلد يغلي سياسيا بسبب الاستجوابات التي تنتظر رئيس الحكومة وعددا من الوزراء ، وبما أن البلد يغلي اقتصاديا بعد مذبحة البورصة الأيام الماضية ولأن العالم أجمع يغلي أيضا ، لهذا فضلت البقاء في الماضي وبالتحديد أعوام 1978 و1979 و 1980 ، في ذلك الوقت ولشغفي في الرياضة قمت بعمل ألبوم صور رياضية ، فقمت باحضار كشكول مدرسي عادي والصقت به عدد من قصاصات الصحف وأذكر اني قمت بعرضه على زملائي في المدرسة ، تصرفات عفوية وقلوب صافيه لا تحمل الهم ولا الغم ، ودارت عجلة السنين ، و تركت هذا الألبوم ولم افتحه حتى هذا اليوم حينما كنت اتصفح الانترنت بحثا عن صور الكويت الرياضية في حقبة السبعينات ، وسبحان الله تذكرت هذا الكشكول وبعد البحث عنه وجدته بين أوراق وقصاصات قديمه لصحف وأوراق كتبتها لخواطر وخرابيط ، اخترت منه بعض الصور التي تحكي أحداث ما قبل ثلاثين عاما فقط لاغير !!
أحببت تشاركوني فيها ...فحيـــّاكم...



***


الصورة الأولى مقدمة الألبوم


لاحظوا في المقدمة ما سميته ألبوم سميته كتاب مرة وحدة !! ومادري شسالفة طابع البريد بو عشرين فلس مع انهم مبدلين بالسعر "بدلية " مكتوب 20 فلوس بدلا من 20 فلس !!
و الحمدلله على اختراع الكمبيوتر وبرامج الوورد لاحظوا خطي مسماري مقلوب ، بس معذور ترى عمري كان 12 سنة بس !!


***

الصورة الثانية



طبعا لازم القادسية والعربي شوفوا الجمب مال بوحمّود لا سامي الحشاش ولا علي مندني قادرين يوصلون له ما شاء الله عليك يالمرعب ، المباراة كانت باستاد محمد الحمد وانتهت2-2 سجل اهداف العربي أحمد خلف وعبدالله البلوشي وسجل أهداف القادسية فيصل الدخيل هدفين

***

الصورة الثالثة

أكيد حافلة بالخشونة دام فيها محبوب جمعة وعيال نادي السالمية ، في ذاك الوقت السالمية كان فريق خشن بصراحة
الله يغفرلهم سدّحوا العالم


***

الصورة الرابعة


ثلاثي حرّيف وخطير خطير خطير لنادي الكويت الله يرحم أيامكم كانوا مأذينا..مأذينا يعني مأذين القادسية


***

الصورة الخامسة



حسافة طافتنا هالمباراة لاحظوا المدرجات
المباراة بين الساحل والشهداء اللي تغير اسمه وصار اسمه الجهراء

***
الصورة السادسة

فريق نادي القادسية بطل الدوري العام لموسم 77-1978



من اليمين وقوفا:جاسم بهمن-يوسف الروضان-رضا معرفي-عبدالله نواف الأحمد-يونس ضيف-محمد الحربان
من اليمين جلوسا:عبدالله العيسى- فيصل الدخيل-فاروق ابراهيم الله يرحمه-حمد بوحمد-عبداللطيف الصيرفي


***


الصورة السابعة



المرحوم بإذن الله تعالى كابتن نادي القادسية فاروق ابراهيم يرفع درع الدوري


***

الصورة الثامنة



سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه بجانب كأس سموه الذي امتلكه نادي الكويت في موسم 1977-1978 بعد فوزه في المباراة النهائية على نادي السالمية 4-1
***

الصورة التاسعة


منتخب الكويت الوطني المشارك بكأس الخليج الخامسة في العراق سنة 1979 واحتل المركز الثاني
من اليمين وقوفا:فتحي كميل-فيصل الدخيل-يوسف سويد-فالح فلاح-نعيم سعد-عبدالله معيوف
من اليمين جلوسا:جاسم بهمن-عبدالرضا عباس-أحمد المكيمي-عبدالله بلوشي-ناصر الغانم-محبوب جمعة


***

الصورة العاشرة




نهائي كأس الأمير سنة 1979 القادسية وكاظمة
الدخيل ينطلق فرحا وآدم مرجان حارس كاظمة بحالة ذهول بعد أن سجل جاسم يعقوب برأسه هدف الفوز للقادسية ،المباراة انتهت 2-1 للقادسية بعد ماكان كاظمة متقدم 1-0 وسجل هدف كاظمة ناصر الغانم او يوسف سويد مو ذاكر لكن الدخيل بنفسه سجل هدف التعادل


***

الصورة الحادي عشرة



المغفور له باذن الله تعالى الشيخ سعد العبدالله ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت يسلم الكأس لكابتن القادسية المرحوم بإذن الله فاروق ابراهيم وخلفه المرحوم بإذن الله الحارس أحمد الثويني رحمة الله عليهم جميعا
***

الصورة الثانية عشرة




مسيرة جمهور نادي القادسية بعد الفوز بكأس الأمير عام 1979



***

الصورة الثالثة عشرة





أخيرا فاز العربي ببطولة الدوري بعد عشر سنين عجاف وبآخر مباراة فازوا العرباوية على نادي الشباب بهدف للاشيء لموسم 1980 ، والجماهير العرباوية تحمل مدرب الفريق الانجليزي ديف مكاي
كابتن العربي طيّب الذكر النجم علي الملا يتسلم الدرع من الشيخ فهد الأحمد يرحمه الله
على فكرة علي الملا من ضباط الكويت البواسل اللي قاوموا المحتل العراقي بشراسة أظن كانت وحدته بلواء اليرموك

***

الصورة الرابعة عشرة



منتخبنا الأولمبي للمعاقين واستعدادهم للأولمبياد وسمو الأمير الراحل يستقبل منتخب الكويت الأولمبي اللي وصل نهائيات موسكو
كان اهتمام المسئولين واضح ومؤثر في السبعينيات

***
الصورة الخامسة عشرة


بمناسبة العيد الوطني لدولةالكويت اقميت مباراة ودية تاريخية عام 1980 بين منتخب من لاعبي الخليج ضد نادي هامبورغ الألماني وانتهت المباراة بالتعادل 5-5 سجل اهداف منتخب الخليج جاسم يعقوب 3 اهداف والسعودي ماجد عبدالله ومنصور مفتاح القطري لكل منهما هدف ، وشارك مع الفريق الألماني اسطورة الكرة الإنكليزية كيفن كيغن

تشكيل الفريق من اليمين وقوفا:أحمد الطرابلسي-محمد غانم(قطر)-ماجد عبدالله (السعودية)-فيصل الدخيل-حمودسلطان(البحرين-خليل شويعر(البحرين)-عبدالكريم خمّاس(الإمارات)-منصور مفتاح(قطر)-سامي الحشاش-فتحي كميل
من اليمين جلوسا:جاسم يعقوب-عبدالله البلوشي-ابراهيم تحسين(السعودية)-محبوب جمعة-جمعة ربيع(الامارات)-سعد الحوطي-عبدالله معيوف

***
الصورة السادسة عشرة

فريق آنسات جامعة الكويت لكرة السلة قابل في 1979 فريق جامعة العراق طبعا لاعبات الكويت باللون الغامج اقصد الفنايل مو شي ثاني

***
الصورة السابعة عشرة

فارسات وفرسان الكويت في السبعينات الشيخة بارعة سالم الصباح وسلوى القاضي ومهند البحر ناقصتهم الفارسات نادية وجميلة المطوع ، البنت الصغيرة اللي بين بارعة وسلوى كأنها نادية المطوع أو جميلة ..؟! الله يحفظهم

***


الصورة الثامنة عشرة



نهائي كأس المغفور له باذن الله الملك خالد بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت


***


الصورة التاسعة عشرة

وكأس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة
غريبة وين المحرّق ؟؟؟ حتى ما وصلوا دور الأربعة مالهم عـــــــــــــــادة!!


***


الصورة العشرون


القيصر بينكباور اللاعب والمدرب السابق للمنتخب الألماني ورئيس الاتحاد الألماني الحالي لكرة القدم ، الصورة طبعا عام 1974 عندما فازت ألمانيا الغربية بكأس العالم في ميونخ وليس لها علاقة بالخبر الذي كان في نهاية السبعينيات بعد ان احترف بيكانباور مع كرويف وبيليه في امريكا حيث قاموا بنشر ثقافة كرة القدم لدى الأمريكان


***
الصورة الواحدة والعشرون



هذي الصورة هدية للأخوة الأعداء أبناء الليفرز أبطال دوري 78-1979 ولكن هيهات لهم الفوز بدوري هذا العام وان غدا لناظره لقريب


***

الصورة القبل الأخيرة صورة بلميون دينار



هدف الثعلب ناصر الغانم الثاني والتعادل برأسه في شباك رعد حمودي الحارس العراقي في بغداد سنة 1979 ضمن تصفيات أولمبياد موسكو 1980

فاز المنتخب الكويتي 3-2 بعد ان كان متأخر في الشوط الأول 2-0 سجل بو حموّد هدفين وناصر الغانم هدف
كانت آخر 20 دقيقة هي الدقائق المجنونة التي قلب فيها فتحي كميل الطاولة على العراق واهدى بوحموّد هدف الفوز في الدقائف الاخيرة
أيــــــــــــــــــــــــــــــــــــام آه يا قلبي

تهقون ان هالمباراة سبب غزو العراق للكويت ؟؟؟


***

الصورة الأخيرة صورة لخبر أيضا بمليون دينار



هذي الصورة تعلق على نفسها بروحها

***


أتمنى انكم تمتعتوا بالصور ..تقبلوا خالص الود والتحية

Thursday, October 02, 2008

عدت يا أيها الشقّي..!!



وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس – آل عمران الآية 140
اذن الحكاية اليوم هي ميلادك يا رجل ؟!! عدت يا يوم مولدي... عدت يا أيها الشقي !!
فلا أدري هل أهنيء نفسي أم أعزّيها بمرور أربع عقود وسنتين بالتمام والكمال على مسيرة الحياة الطاحنة، فالعدّ الآن تنازليا والسنين تطوي بعضها بسرعة عجيبة "يا الله حسن الخاتمة " !!
اثنين وأربعين سنة مرّت من عمري فمن المؤكد أني عشت وعاصرت على الأقل اثنين وأربعين حدث، سأمتطي الضوء لأعود بذاكرتي المتآكلة وألملم بقاياها قبل أن تتلاشى وسأدوّن هنا بعضا مما أتذكره لتشاركوني لحظاتها بحلوها ومرها، ولا أدري حقيقة هل "يهمكم" أن تقرؤا في صفحات من مذكرات شخص عادي من عامة الناس ليس أيقونة في السياسة او العلم أو الأدب أو الفن ، إنسان عادي ....دوّن بعض من ذكرياته ...الأمر لكم أحبتي طبعا في القراءة أو الانتقال الى صفحة اخرى ترون فيها فائدة أكبر !!

البداية كانت 1966 : الميلاد في يوم الأحد الثاني من أكتوبر من هذا العام والدي يرحمه الله يحضر درس عن ذكرى معركة حطين بقيادة صلاح الدين وتحرير بيت المقدس من الصليبين الذي تم في الثاني من أكتوبر،مشرف الجناح في ثانوية الشويخ يقطع الدرس ويستدعي والدي يرحمه الله ويبلغه ان الله قد رزقه بباكورة زواجه "صبي" ، الوالد يطلق علي اسم "صلاح" تيمنناً بصلاح الدين .
عام 1970 وفي اول سنة لي في روضة خالد الفرج في منطقة القادسية اذكر اني كنت أخجل ولم أشارك في الحفل السنوي ، وخيبت ظن والدتي التي جلست في حضنها طوال الحفل !!
ولكن في السنة التالية هذه المرة شاركت في الحفل واستطعت الفوز في كذا مسابقة ولكن من تعاستي أن والدتي لم تحضر هذه المرة للحفل !!
أذكر أيامها أثناء انتظاري لوالدتي لتأخذني في نهاية الدوام أنني وزميلي في الصف قد أطبقنا على رقاب بعض وتعاركنا والصدفة ان اسمه أيضا "صلاح" هذا الصلاح كنت على خلاف دائم معه ووضعنا القدر زميلين استمرت زمالتي معه حتى السنوات الأول من مرحلة الثانوية التي حولتنا الى أصدقاء حميمين!!
هل تصدقون قبل سنتين وقبل شهر رمضان من ذلك العام بشهر تقريبا ذهبت إلى أهله معزيا بوفاته يرحمه الله تعالى وغفر له واسع المغفرة .

في أولى سنوات الدراسة في ابتدائية شاعر الكويت "صقر الشبيب" أتذكر أولى محاولاتي لصيام رمضان وكذلك تذكرت أول "طراق" من أستاذ اللغة العربية الفلسطيني رغم هدوئي وخجلي الشديدين في تلك المرحلة ...للأسف لا أتذكر سبب الطراق !!
وأتذكر عام 73 حينما دخلت على والدتي في بيتنا القديم وهي تستمع للراديو وتقول لي "حرب...حرب" لم تكن تعني حرب العاشر من رمضان او ما تسمى ب 6 أكتوبر وهي النقطة المضيئة الوحيدة في تاريخنا المعاصر ، انتصار ليوم او يومين كادت مصر تدفع استقلالها ثمن لاقتحامها خط بارليف المحصّن. إنما كانت كلمات والدتي "أطال الله عمرها" بسبب الاعتداء العراقي على مخفر الصامتة الكويتي وقتل من فيه، وكادت تتطور الأمور إلى مواجهة وحرب وقد تطوع الكثير من أبناء الوطن في معسكرات الحرس الوطني الذين لبوا نداء الواجب ولكن تدخل الكثير من الدول ودفع الكويت لمبالغ طائلة للعراق حال دون وقوع الحرب التي وقعت غزوا وغدرا بعد هذا التاريخ بسبعة عشر عاما.
وأتذكر عام 74 حين فازت الكويت في ستاد نادي الكويت الجديد المزروع بكأس الخليج العربي للمرة الثالثة على التوالي وتمتلك الكأس بعد فوزها بأربعة اهداف نظيفة على السعودية سجلهم فتحي كميل وحمد بوحمد. كنت أيامها عرباوي خوفا من أحد أعمامي العرباويين ،لكن نقطة تحولي وحبي لنادي القادسية بدأ عام 75 حينما سجل المرعب جاسم يعقوب هدف "باك وورد" على العملاق الطرابلسي وفاز القادسية بهذا الهدف بكأس الامير. وكذلك أتذكر كأس الخليج العربي الرابعة في قطر سنة 1976،وأيضا الكويت تفوز بالبطولة بعد هزيمة العراق 4-2 "جاسم عرضية برازيلية ، والعنبري ياب قووول، والكرة تدخل على رعد حمودي برق " ويتم توزيع قسائم سكنية على اللاعبين.
وأتذكر حفل الاستقبال الذي أقيم تحت رعاية سمو الأمير الراحل المرحوم بإذن الله الشيخ صباح السالم لألوية الجيش الكويتي اليرموك والجهراء المشارك في حربي 1967 و 1973 في الجولان وسيناء، يومها تحمست فقررت أن أصبح ضابط في الجيش !!
في هذا العام أي عام 76 أتذكر اني كنت أشاهد فيلم على تلفزيون الكويت ظهرا حيث كنّا في العطلة الصيفية اسم الفيلم أظن "قصة بطل" وقبل نهاية الفيلم تم قطع الإرسال ليبث كلمة لسمو الأمير صباح السالم ثم لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت الشيخ جابر الأحمد ليعلنا مرسوم بحل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور!! ..أتذكر الوجوم الذي خيّم على وجه الوالد وهو يجلس القرفصاء مستمعا للبيانين ، ولكن الى الآن لم اعرف ما حصل لبطل الفيلم فقد كان فيلم مشوق !!

وفي عام 77 كنت في المتوسطة وأتذكر خروجنا مع الطلبة والطالبات لاستقبال أميرنا الأسبق المغفور له بإذن الله الشيخ صباح السالم بعد عودته من رحلة العلاج كنا ننشد " في ظل قائدنا وأميرنا صباح ترسو سفينتنا على بر الأمان "، و"طيارة طارت في السما العالي فيها صباح السالم الغالي "ولكن أبت هذه السنة إلا وأن تنقضي وتأخذ معها بو سالم في 31-12-1977. ويتسلم الراية أمير البلاد الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد ليبدأ عصر مختلف كليا كما تبين لنا جميعا لاحقا .
في هذا الوقت كتبت أول خاطرة في حياتي ولعلها كانت محاولة لكتابة الشعر أيضا واذكر انها كانت رثاء بوفاة أميرنا الشيخ صباح السالم لكن للأسف ضاعت مني ولا أتذكر حتى ما الذي كتبته، وكنت قد رسمت صورته أيضا!!

أما أجمل سنة مرت علي في حياتي هي سنة 79 ففي هذه السنة وقد كنت أناهز الثالثة عشر فقط لا غير ، اخترق قلبي صوت ملائكي قلب كياني رأسا على عقب، فان كان هناك ما يسمى الحب من أول نظره فقد أصيب قلبي بالحب من أول نبرة! حب الطفولة النقية، حب لم يتعدى الخيال!!
متأكد أن العذّال سيتركون كل الذكريات التي سردتها والتي سأسردها وسيسألون عن هذه "السالفة" !!
ولم تمر إلا سنتين فقط حتى انتقلنا إلى منزلنا الجديد وأحسست أنهم اقتلعوني من جذوري بل حاولوا طمس أجمل سنين عمري حين خرجت من منطقتي القديمة ومسقط رأسي القادسية لدرجة أني أخذت حفنة من تراب منزلنا القديم ووضعته في صندوق معدني، للأسف ضاع مني هذا الصندوق أو أن أحدهم رماه !!
كانت الحياة كئيبة في منطقتنا الجديدة رغم وسع المكان والخصوصية حيث كانت لي غرفة خاصة بي إلا أني لم استسيغ العيش أبدا هناك .
عام 80 اتذكر انتصارات الكويت في تصفيات الوصول الى موسكو والنتائج العظيمة حتى الوصول الى كأس العالم أسبانيا 82 والعرض الكبير امام التشيك وهدف الدخيل ثم التمسخر أمام فرنسا الذي لقنتنا درس في احترام الخصوم
في عام 84 أذكر حصولي على استمارة لتعلم قيادة السيارة قبل بلوغي السن القانوني ولكن لم يسمحوا لي بتقديم اختبار القيادة الا بعد إكمالي للسن ، لذلك في يوم ميلادي ال18 ذهبت وقدمت الاختبار ونجحت واستلمت الليسن ! واشترى لي والدي سيارة مستعملة "تويوتا" صغيرة الحجم ، و من سوء حظي كالعادة ان السياره تعرضت لحادث غيّر معالمها تماما أثناء وقوفها امام منزلنا !! بعد الثانوية أبتعثت لدراسة الهندسة البحرية.

تعرفت لأول مره على الندوات والحملات الانتخابية عند عودتي للكويت في الأجازات كان ذلك عام 85 وحضرت ندوات الدكتور عبدالله النفيسي في بيان وكنت اسمع عن الدكتور احمد الربعي وشعبيته لدى الناخبين ذوي التوجه "التقدمي"، في السابق لم نسمع بكلمة ليبرالي كنت أحضر هذه الندوات مع أحد أصدقاء الدراسة، ومن الصدف أن هذا الصديق قام بترشيح نفسه في انتخابات مجلس الأمة 2003في دائرته لكنه لم يفز. أتذكر أيضا في شهر رمضان من نفس السنة نجاة الأمير الراحل جابر الأحمد يرحمه الله من محاولة اغتيال من خلال تفجير الموكب الذي يقله بشارع الخليج قرب قصر السيف. ثم تبعت هذه المحاولة سلسلة تفجيرات المقاهي الشعبية التي أودت بحياة الأبرياء ، وقد كنت في تلك الفترة من رواد هذه المقاهي ومع 3 او 4 من الأصدقاء ولكن في يوم التفجير وأظنه كان الخميس تخلّف صديقي الذي كان ينوي توصيلنا في سيارته عن الحضور !! لنسمع الأخبار الساعة العاشرة مساء بالتفجير وكل منا فاتح فاهه من الصدمة وكيف القدر نجّانا من التفجير !!

تزوجت عام 86 "مادري ليش مستعيّل؟!! " وغيّرت تخصصي الهندسي من البحري إلى الإلكترونات، في هذا العام تم حل مجلس الأمة للمرة الثانية !! وفي عام 87 جاء الى الدنيا أول أبنائي ..ابنتي..وفي عام 88 اشتريت أول جهاز كمبيوتر ، كان بمشغل اقراص واحد وبدون هارد دسك ، كنا نشتري البرامج من محل الوزان وسط كراجات الشويخ بشارع الكنددراي!!

تخرجت في أوائل عام 90 ثم توظفت في مارس وفي ليل الأول من أغسطس كنت مناوب في مقر عملي بالمطار ومع اقتراب الفجر بدأت بسماع أصوات مدوية لم أعرف ما تكون توقعت أنها أصوات للطائرات أو أن الهواء يضرب احد الأبواب الخشبية للمبنى ! ولم يكن معي راديو أو تلفزيون ، في الصباح علمت أن العراق غزا الكويت!! وإذاعة بغداد تتكلم عن ثورة في الكويت ...تتذكرون إذاعة الكويت والأغاني الوطنية...؟! يا عرب يا عرب الكويت تناديكم ...يا الله ، لم يتحرك ساكن ، فقد كان نصل الخنجر الذي اخترق قلب الكويت... عربي !! تطوعت مثل باقي شباب الكويت في الجيش وبقينا في المعسكرات حتى فجر الجمعة عدت الى منزل الوالد فأخبرني بمجرد رؤيته لي باستشهاد الشيخ فهد الأحمد يرحمه الله ، بعدها بقينا في الكويت مع العائلة لم نخرج طلبت من نساء العائلة ان نخرجهن الى السعودية ونعود نحن الشباب لكنهن رفضن جميعا، لذلك عشنا جميعا مأساة الغزو ، ولا داعي لذكرها فكلكم يعلم تفاصيلها المؤلمة. وفي السادس والعشرين من فبراير 91 تتحرر الكويت من براثن الغزو العراقي ودخان الآبار يغطي السماء ليحيل نهارنا الى ليل ولكنه الفجر الباسم فجر التحرير والنفوس الأبية. وفي رمضان بعد التحرير مباشرة سافرت بسيارتي مع صديق لي للمنطقة الشرقية في السعودية لجلب المواد الغذائية لأهلنا في الكويت ثم توّجت عامي هذا بحجتي الأولى لبيت الله الحرام التي كانت البداية للحجات التالية والتي أسأل المولى أن لا تنقطع مادام في العروق نبض...

في عام 94 كانت بدايتي مع عالم الإنترنت من خلال شركة الخليج غلف نت على ما أظن .
وفي عام 95سافرت الى مصر و لم تمر الا ساعات على وصولي حتى صحونا الفجر على زلزال "خفيف" هز أركان المنطقة التي كنا نقيم فيها،أول مرة أرى الأرض تتحرك من تحتي ، سبحانك ربي لكن الله سلّم ولطف بنا كان الناس تكبّر وتهلل وانا وصديقي نطل من الشرفة ، أذهلتنا المفاجأة عن الهروب ، الطريف ان بعد هدوء الزلزال أكملنا نومنا!!
سافرت الى لبنان لأول مرة عام 97 الوقت كان بداية الشتاء، أمطار برمانة والشوارع الهادئة ليلا، والرياح الباردة تخترق أضلعي لتحيلني إلى قالب ثلج و أمواج البحر المتوسط تتكسر على شاطئ جونية المهجور نهارا ، وصوت المرشد السياحي وخرير الماء في مغارة "جعيتا" الخالدة، وهناك بداخل "التلفريك" وحيدا فوق أشجار الصنوبر في الطريق الى تمثال العذراء دونت أسمها .

وأتذكر أول موقع يحوي "دومين" خاص بي قمت بإنشائه على الانترنت ، قمت بإعداده وتصميمه والإشراف عليه ليكون صوت للكويت وأسميته "مجلة قيصر" !! لماذا قيصر بالذات لأنه أول معرّف لي على الإنترنت وقد اخترته تيمنا بيوليوس قيصر الذي قرأت قصته في طفولتي ذلك القيصر المجنون الذي هزم الدنيا وكانت سبب هزيمته أمام شعبه "امرأة" ليموت تحت طعناتهم ، شارك معي في هذا الموقع عدد من الأخوة والأخوات بالكتابة والإعداد بجهد تطوعي دون النظر الى مردود مادي ، كان ذلك عام 99، إلا أن اسم الموقع لم يكن يمثل التوجه الوطني ولم يعبر عن الجهد المبذول فيه لذلك اقترحت على زملائي في الموقع تغيير الاسم وفي عام 2002 تغير اسم مجلة قيصر الى " يا وطن ".

وأتذكر عام 2000 حين أنيط بي تسلم مشروع خاص بعملي وكان المشروع يتطلب فحص وزيارة كثير من المواقع البحرية والبرية و في احد هذه الرحلات انطلقنا من الخيران الى جزيرة أم المرادم وقاروه كنا في زورق تابع لخفر السواحل وكان معي اثنين من المهندسين الألمان ، الجو متقلب والبحر هائج ،وقائد الزورق شاب متهور ، المحصلة ان طار بنا الزورق في الهواء كدنا أن ننقلب إلا إنني أمسكت بجنب الزورق الأيمن وكذلك أحد الألمان الذي كان ممسكا بالجانب الأيسر ، أما الذي كان يجلس وسطنا وهو بالمناسبة ألماني شرقي - يعدلنا الإثنين معا وزنا وطولا- طار في الهواء وسقط على ظهره ليصاب وبعد الرحلة المرعبة هذه عدنا الى بيوتنا بدون حتى كلمة الحمد لله على السلامة أما الألماني فقد عاد الى ألمانيا للعلاج على حساب شركة التأمين!!

في بداية عام 2005 انتهيت من بناء بيتي الجديد وانتقلت مع عائلتي الصغيرة للسكن فيه، بعد انتظار دام 19 عام بالوفى والتمام !!

وفي السادس عشر من مارس 2005 فجعت بفقد معلمي وأستاذي، فقدت والدي الحبيب الذي انتقل إلى جوار ربه بعد معاناة طويلة مع المرض ودخوله في غيبوبة استمرت أسبوعا كاملا، أتذكر كل تفاصيل هذه اللحظات المهيبة منذ علمي بالوفاة ورؤيتي له وهو بلا حراك حتى نقله الى المقبرة وحمله وتغسيله وتكفينه ليلا وفي الصباح نزلت الى القبر معه ووسدته وقبلته قبلة الوداع وغطت الرمال جسد من كان سببا لوجودي في هذه الدنيا ، كم تعب آبائنا وأمهاتنا معنا ، والله ثم والله لن نوفيهم حقهم ما حيينا أبدا.

وقبل انقضاء عام 2005 سافرت الى استراليا في دورة تدربية بمجال عملي استغرقت شهرين رأيت الكنغر بل أكلته مشويا ورأيت كم أن الحياة في استراليا جميلة وشعبها طيب ولطيف وسهل التعامل معه.

وفي عام 2006 صعقنا بوفاة أمير القلوب سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح طيّب الله ثراه ويتسلم الحكم دستوريا ولي عهده الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح لعدة أيام ولكن بسبب حالته الصحية في ذلك الوقت لم تسمح بتوليه لمسئولية الحكم ، فتسلمها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بعد أن بايعته أسرة الصباح والشعب ممثلا بمجلس الأمة وأطلق على سمو الشيخ سعد لقب الأمير الوالد ، وفي نفس العام وجدت شباب الكويت وفتياتها ينتفضون في وجه الفساد والظلم ويتحركون لتغيير الدوائر الانتخابية من 25 الى خمس دوائر ، فشاركناهم بالحضور الشخصي في ساحة الإرادة وفي المنتديات وتسخير موقع يا وطن لنشر أخبار الحملة ومقالاتها إلا أن الحكومة تحل مجلس الأمة ، وتحل الصدمة بي !! فأعزف عن الكتابة وكرد فعل قمت بإزالة جميع المواضيع السياسية من على موقع "يا وطن" لأضع صفحات تتحدث عن "البطيخ" ولا شيء غيره !! لعل منكم من شاهدها.
لكن الشعب الكويتي الأبي يتكاتف وينجح بإيصال اكبر عدد ممكن من مؤيدي الدوائر الخمس الى البرلمان ، بعد إعادة الانتخابات ، ثم تخضع الحكومة لإرادة الشعب وتقر الدوائر الخمس وينتصر أبناء الكويت.

وفي عيد الأضحى من نفس العام يتم تنفيذ حكم الإعدام شنقا بطاغية العراق صدام حسين حاملا معه الى قبره أسرار وصوله للحكم وأسرار غزوه للكويت وفي رقبته دماء الآلاف من الأبرياء الذي أبادهم بيده أو بإيعاز منه ، دماء وأعراض شعبه العراقي العربي والكردي والشعب الإيراني و بالطبع معهم ذنب أكثر من ألف شهيد كويتي غير عذابات شعب بأكمله من ضحايا الغزو عام 1990 .

في عام 2007 أذكر سفرتي الماراثونية الى هونغ كونغ مرورا بتايلاند والفلبين وأيضا لدورة تدريبية في مجال العمل ....
وفي 2008 فقدنا سعد الكويت ...يرحمه الله....حضرنا الجنازه المهيبه ....واحتضن التراب رجل كان من صنّاع لتاريخ الكويت على مدى 50 عاما مضت ...!! وفي نفس العام فقدت عمي الكبير شقيق والدي رحمة الله عليهما....
بالتأكيد كانت هناك أحداث أكبر وأكثر مرت علينا جميعا ومرت علي خلال الإثنين والأربعين عاما لكن ما سبق كان اختصار شديد وعلى عجل وبالقدر الذي اسعفتني به الذاكرة لبانوراما او شريط سريع لذكريات مسيرة اثنين وأربعين سنة مرّت كأنها البرق ، فأضحكت أحيانا وأدمت وأبكت أحيانا أخرى وهذا هو حال كل بنى آدم فينا....والحمدلله رب العالمين...

نسأل المولى سبحانه وتعالى أن يحسن خاتمتنا ويتقبّل منّا صالح الأعمال ويدخلنا وإياكم فسيح جناته....اللهم آمين.